الحيوانات الماصه للحرارة، والذي يشار إليها غالبا بإسم حيوان ذو دم حار، هي تعني الكائنات التي تعتمد على نشاطها الأيضي الداخلي لتوليد الحرارة والحفاظ على درجة حرارة ثابتة للجسم، وذلك بدلا من الاعتماد على مصادر خارجية، مثل الشمس.
عندما تخرج في صباح خريفي بدون ارتداء سترة، فربما تكون درجة الحرارة الباردة هي أول ما تلاحظه. يلاحظ جسمك هذا أيضا ، وذلك لأنه عليه الآن العمل بجدية أكبر للحفاظ على درجة حرارة جسمك عند مستوى ثابت ومقبول. وتكون العلامات الجسدية الأولى لهذا العمل هي عندما ترتجف، وتصاب بالقشعريرة، وتضغط بدون وعي على بعض عضلات ذراعيك وظهرك. ومع ذلك، فإن ما لا يقوم الجسم بفعله هو السماح بانخفاض درجة الحرارة الداخلية لك، أو على الأقل ليس على الفور. لماذا نقدر على تنظيم درجة الحرارة الداخلية لدينا بدون التفكير في ذلك؟
* ماذا يعني حيوان ذات دم حار؟
ذوات الدم الحار هو أي كائن حي (بشكل أساسي طيور وثدييات)، يقوم بالحفاظ على درجة حرارة داخلية مستقرة عن طريق الحرارة التي تنبعث من خلال الوظائف الداخلية للجسم، والذي يعني التفاعلات الأيضية في الأعضاء. هذا هو الوضع المعاكس لما يسمى بالحيوانات ذوات الدم البارد، والتي تقوم بالإعتماد على مصادر خارجية للحرارة لتنظيم درجة حرارة أجسامها. حيث تقوم السحلية التي ترقد على صخرة يسقط عليها نور الشمس بتسخين جسدها في الشمس حرفيا، والذي يوفر لها الطاقة للصيد وأن تكون أكثر نشاطا. هناك أنواع ذوات الدم البارد مثل السحالي والزواحف والأسماك واللافقاريات، وأيضا الحشرات.
في الشخص العادي، فإن الطاقة الأيضية المتولدة في أعضاء الجذع تمثل أكثر من 60% من الحرارة التي ينتجها الجسم، بينما تمثل رقائق الدماغ من 15 إلى 16% إضافية. وكل هذا ضروري للحفاظ على درجة حرارة داخلية مثالية للكائن الحي، خاصة في البيئات الأكثر برودة، حيث تستطيع الأعضاء العمل بكفاءة أكبر لضمان النجاة. نطاق درجة الحرارة المثالي هذا قد يختلف بين الأنواع، بناء على التكيفات والتغيرات الأخرى في بيئة كل منها.
أما بالنسبة للبشر، فإن درجة الحرارة المستهدفة داخل الجسم هي 37 درجة مئوية أي ما يعادل 98.6 درجة فهرنهايت. والذي يسمح لمجموعة من درجات الحرارة الآمنة لأعلي وأسفل النقطة المثالية حيث يقدر الجسم العمل بأمان. على سبيل المثال، في حالات الوقوف بالخارج في رياح الشتاء أو الجري في حر الصيف، فيجب أن نكون قادرين على العمل في ظروف متغيرة، حتى لو كانت درجة حرارة أجسامنا أعلى أو أقل قليلا من المعتاد. هناك ضمانات طبيعية آمنة تمنع الجسم من تجاوز هذا النطاق ، مثل البطء في درجات الحرارة المرتفعة والتعرق، والإرتعاش، بالإضافة إلى عدد من التكيفات الأخرى التي سيتم شرحها في الأسفل.
* تكيفات ذوات الدم الحار.
لأن الكائنات ذوات الدم الحار تعتمد على الأنشطة الأيضية لتوليد الحرارة، فإنها تتطلب مصدرا أكثر أهمية بكثير من العناصر الغذائية، مثل السكريات والدهون، من أجل إنتاج الطاقة. عندما يتحدث الناس عن حرق السعرات الحرارية، فهذا هو ما يفعله الجسم بشكل مستمر، يقوم بإستهلاك وإستخدام المواد الخام التي نأكلها لتوليد الحرارة من أجل الحفاظ على درجة الحرارة الداخلية. عندما ننفذ من الموارد، أو عندما يكون الجسم منهكا لما يتجاوز نطاق درجة الحرارة العادية، فهناك بعض التعديلات الأخرى التي يمكن أن تساعدنا في الحفاظ على النظام.
بمجرد توليد الحرارة، فمن المهم أن نحتفظ بها، حيث يتم إستخدام قدر كبير من الطاقة والوقت في الحصول على الموارد والطعام. أغلب الثدييات والطيور لها خصائص فيزيائية للمساعدة في ذلك، مثل الفراء والريش وذلك لمنع فقدان الحرارة. وتساعد هذه العناصر الهيكلية على منع الحرارة من الهروب من المساحة الكبيرة لسطح الجلد ذو الحجم الكبير. ولكن هذا يكون أكثر صعوبة في الحيوانات الصغيرة، لأن نسبة مساحة سطح الجلد لأن الحجم أصغر. ولهذا يجب أن يعملوا بجد أكبر للحفاظ على درجة الحرارة الداخلية، والذي يجعل الحصول على الطعام مصدر قلق مستمر.
بعض التكيفات الشائعة الأخرى هي طبقات الدهون الكبيرة (في حالة الكائنات البحرية)، أو عمليات التبادل الحراري المتكيفة بدقة في الدورة الدموية، حيث يتم ضخ الدم الأكثر دفئا من القلب عبر الدم الأكثر برودة العائد من أطراف الحيوان. ومع ذلك، ففي حالة البشر، الذين لا يملكون تغطية شعر الجسم بالكامل (مقارنة بالقردة)، تسمح لنا التطورات مثل الملابس وإشعال النيران وأنظمة التدفئة المركزية بالحفاظ على دفئنا في الأجواء الباردة. علاوة على ذلك، فإن الارتعاش هو تكتيك عظيم يستخدمه البشر (وغيرهم من الحيوانات ذوات الدم الحار) في الطقس البارد. تولد هذه الانقباضات السريعة للعضلات الهيكلية الحرارة عن طريق حرق الطاقة بسرعة، وتقوم بدورها في الحفاظ على المناطق المكشوفة دافئة.
بالنسبة إلى الكائنات ذوات الدم الحار ، فمن الخطير ارتفاع درجة الحرارة بنفس خطورة فقدان الحرارة، ولذلك يوجد عدد من الآليات الأخرى التي تساعد في خفض درجة حرارتنا، وذلك عند الضرورة. إذا كنت قد مارست الرياضة أو ذهبت في نزهة على الأقدام في يوم حار، فأنت تعلم أنه من الصعب الحفاظ على جسمك من التعرق. التعرق هو وسيلة لتبريد الجسم من خلال عملية التبخير، حيث يتم سحب الحرارة من الجسم من خلال هذه العملية الديناميكية الحرارية. نفس الشيء يحدث عندما تلهث الحيوانات. فعندما يتدلى لسان كلبك من فمه في الصيف، فإنه يحدث التبادل الحراري على هذا الغشاء المخاطي، مما يسمح للكلب أن يبرد نفسه بفضل التبخر.
الحيوانات الأخرى لديها تغييرات أخرى لتتبرد، مثل تساقط الفراء الكثيف مع تغير الفصول، أو ببساطة الانتقال لفترة من الزمن (الهجرة الموسمية) إلى المناطق التي تتطلب جهد أقل لتنظيم درجة حرارة أجسامها. لدى البشر بعض من هذا السلوك "المهاجر"، غالبا ما يسافرون خلال الشتاء إلى أماكن غريبة، أو يقضون معظم وقتهم في مراكز التسوق والمنازل المكيفة في ذروة الصيف! من المؤكد أن البشر لديهم الأشكال الأكثر تقدما والأقل طبيعية للتلاعب بظروفهم البيئية، لكن السبب الجذري هو نفسه، وهو أننا لا نزال من ذوات الدم الحار!
* تطور ذوات الدم الحار.
ما قد يفاجئك هو أن امتصاص الحرارة ظاهرة جديدة نسبيًا؛ قد ظهرت منذ ما يقرب من 250 إلي 260 مليون سنة، وذلك بالقرب من نهاية العصر البرمي. رغم ذلك، فإن الحياة كانت موجودة على هذا الكوكب منذ حوالي 3.5 مليار سنة. وهذا يعني أنه لمليارات السنين، كانت الأعضاء تعمل علي إمتصاص الحرارة، للرد على الظروف الخارجية التي حددت مستويات معدلات الأيض الخاصة بها، وذلك من أجل النجاة.
تم اقتراح العديد من النظريات حول سبب تطور الكائنات ذوات الدم الحار، ولكن لفهم ذلك بشكل صحيح، فمن المهم أن تعرف أولا أن ذوات الدم الحار تطورا لعدة مرات، مما أدى إلى ظهور طيور وثدييات من سلالتين مختلفتين. يشك معظم الخبراء أن ذوات الدم الحار قد تطورا فقط من خلال فوائده في التنظيم الحراري؛ ولكن، يعتقد البعض أنه كان استجابة لتغير في التمثيل الغذائي الهوائي. وهذا لأن تلك المخلوقات ذات السعة الهوائية الأعلى قد تم اختيارها بشكل طبيعي (مما يعني أنها تستطيع إستيعاب المزيد من الأكسجين ومعالجته)، بالإضافة إلي زيادة قدرتها على التحمل وأيضا القدرة على تحمل المجهود. بدلا من نمط الحياة اللاهوائي، والذي يتم إستخدامه من أغلب الكائنات ذوات الدم الحار لتدعم نشاطها في دفعات قصيرة، كان التمثيل الغذائي الهوائي يعني زيادة الحركة والنشاط، والقدرة على تأمين المزيد من الموارد.
انطلاقا من فكرة اختيار بعض المخلوقات للحصول على قدرة هوائية أعلى، فإن معدلات نشاطها وحركتها المرتفعة ربما كانت قد أدت إلى تطور نطاق مثالي أعلى لدرجة حرارة الجسم. على مدار ملايين السنين، كانت الكائنات ذوات الدم الحار قادرة على تلبية احتياجاتها بطريقة أفضل عن طريق الصيد والبحث عن الطعام، وتلبية احتياجاتها الغذائية من خلال الحركة، وبذلك تحتفظ بإرتفاع درجة حرارة الجسم. هذا تفسير بدائي لعملية الاختيار المعقدة تلك، ولكن معظم الخبراء يتفقون. ساعدت أهمية النشاط المستدام المجموعات (في أوقات متعددة عبر التاريخ التطوري) على تطوير قدرة هوائية متزايدة تدريجيا، مما أدى في النهاية إلى تفضيل التمثيل الغذائي للحرارة.
الكائنات ذوات الدم الحار تقدر أيضا على المشاركة في التنفس اللاهوائي، ولكنها تستخدمه كخيار ثانوي، أو كحل احتياطي، إذا جاز التعبير. إذا كنت تمارس تمارين عالية الكثافة وكانت كمية الأكسجين التي يتم توفيرها للعضلات غير كافية، فيمكن للجسم الإعتماد على التنفس اللاهوائي. في هذه الحالة، عضلاتنا "سترتعش"، مما ينتج طاقة أسرع بكثير من من الإرتعاش البطيئ، ولكن بطريقة أقل كفاءة. كما أن التنفس اللاهوائي يولد حمض اللاكتيك والذي يؤدي إلي إرهاق العضلات بشكل أسرع. ومع ذلك، فإن حقيقة أن التنفس اللاهوائي يظل خيارا للكائنات ذوات الدم الحار!
* كلمة أخيرة.
يعتمد البشر، إلى جانب كل الثدييات والطيور الأخرى التي رأيتها من قبل، على إننا ذوات دم حار للنجاة. يساعد حرقنا المستمر للطاقة من خلال عمليات التمثيل الغذائي على الحفاظ على دفء الجسم المناسب، مع توفير الطاقة من أجل النشاطات المطولة والمرونة في البيئات التي نختارها. في حين أنه قد يبدو جميلا أن تستلقي تحت أشعة الشمس طوال اليوم لضمان حصولك على الدفء الكافي، فقد سمحت لنا القدرة الماصة للحرارة على أن نصبح ما نحن عليه الآن!
إرسال تعليق