U3F1ZWV6ZTM2MTY3NDAyODEwNTQ0X0ZyZWUyMjgxNzUyNTExOTM1MA==

لماذا لا تطير الفراشات في خطوط مستقيمة؟

                                            


على الرغم من أنها قد تبدو وكأنها خارجة عن السيطرة، إلا أن أنماط الطيران غير المنتظمة للفراشات هي في الواقع التلاعبات الدقيقة في وزن جسمها والذي يسمح لها بالتلاعب بحذر في رحلة الطيران غير المنتظمة تلك، مما يجعل من الصعب على الحيوانات المفترسة الإمساك بها!


إعتمادا على مكان وجودك في العالم، فإذا وجدت نفسك يوما ما تسير في حقل مليء بالزهور في الصيف، فهناك فرصة جيدة لأن تكون قد رأيت فراشة أو اثنتين. تُعد هذه الحشرات الرائعة ومتنوعة الألوان من أجمل المخلوقات وأكثرها إثارة في العالم الطبيعي، ويبدو أنها لا تهتم بأي شيء سوى إغراء الزهور وأسلوبها الجنوني في الطيران.


إذا أهتميت بالنظر إلى فراشة واحدة في كل مرة، فمن الصعب تجاهل طريقة طيرانها التي تبدو عشوائية. إنهم يندفعون ويتمايلون، ويغيرون الاتجاهات والارتفاعات لمجرد نزوة، مما يجعل من المستحيل معرفة المكان الذي سوف يقومون بالتوجه إليه بعد ذلك. على عكس الحشرات الأخرى، مثل النحل أو اليعسوب، يبدو أن الفراشات تفتقر إلى أي سيطرة على التحكم في طيرانها "وكأنها في حالة سكر". على الرغم من عدم القدرة الواضحة على الحفاظ على طيران مستقر، تزدهر الفراشات وتوجد في جميع أنحاء العالم. وهذا يثير بطبيعة الحال السؤال: لماذا لا تطير الفراشات في خط مستقيم؟


* طيران الفراشة.

أثناء مشاهدة تحليق الفراشة الغريب والذي يبدوا وكأنها في حالة سكر، فإنه يبدو وكأن ما تفعله ليس له معنى. حيث يستغرق الأمر وقتا أطول للتنقل بين الزهور وإنجاز أي شيء، ويبدو أنها تجذب المزيد من الانتباه إليها، والتي بالتأكيد لا يمكن أن تكون مفيدة للبقاء على قيد الحياة. فبعد كل شيء، الفراشات ليست مجهزة بالعديد من آليات الدفاع.


ومع ذلك، فقد وجد الباحثون أن مثل هذا النمط غير المنتظم من الطيران يكون حسب التصميم، لأنه يجعل من المستحيل تقريبا على مفترس محتمل مثل طائر، أوخفاش، أو حشرة أكبر غيرها، التنبؤ بالمكان الذي ستتحرك فيه الفراشة بعد ذلك. حيث تمتلك معظم الكائنات قيودا معينة على حركتها بناء على هيكلها الخارجي أو هيكلها العظمي؛ وبشكل أساسي، هذا يجعل الحركات أكثر قابلية للتنبؤ، خاصة بالنسبة للصياد الماهر. ومع ذلك، في حالة الفراشات، فقد طوروا عددا من التقنيات والتكيفات الجسدية التي تسمح لهم بالتحكم ببراعة في طيرانها، مما يؤدي إلى رقصة معقدة لا يستطيع حتى أكثر الحيوانات المفترسة فك شفرتها.


إشتملت بعض هذه التعديلات الجسدية على شكل وتكوين أجنحة الفراشة، والتي هي أكثر مرونة مما كان يعتقد سابقا. حيث تولد أنواع معينة من الرفرفة أنماطا فريدة لتدفق الهواء، بما في ذلك الدوامات، والتي تسمح بمثل هذه التغيرات السريعة في الارتفاع والاتجاه. وتوفر هذه الضربات العلوية المعقدة للأجنحة مزيدا من التنوع في الحركة بالمقارنة بالجناح النموذجي للطيور. في الواقع، يعمل الباحثون على تكرار بعض الخصائص الديناميكية الهوائية للفراشات من أجل إنشاء طائرات بدون طيار مصغرة ذات قدرات مماثلة.


كشفت دراسة رائعة أخرى تمت في جامعة تايوان الوطنية عن تكيف جسدي فريد يتيح لبعض الفراشات الطيران الخلاب. بإستخدام كاميرات عالية السرعة وتحليل حركات الفراشات في مكان مغلق، تمكن الباحثون من تحديد تغيير في وضع كتلة الجسم للفراشات في اللحظات التي تكون قبل أن تغير الاتجاه أو الارتفاع. تدور الفراشات باستمرار وتقلب أجسامها أثناء الطيران، مما يغير مركز جاذبيتها ووزن جسمها، مما يسمح لها باستخدام المزيد من الطاقة مع كل رفرفة جناح. هذه الحركة الدائمة لكتلة الجسم الرئيسية تساعدهم على تجنب القوى الهابطة المرتبطة بكل رفرفة من الجناح. وهذا يجعل رحلتهم أكثر كفاءة ويسمح لهم بالصعود والهبوط بسرعة كبيرة، وأيضا التحكم الكامل.


* إستثناءات القاعدة.

من الوارد إنك رأيت فراشة تتحرك في خط مستقيم نسبيا. قد لا تكون مخطئا في هذا، وهذا لأن بعض الفراشات لا تحتاج إلى الاعتماد على أنماط طيرانها غير المنتظمة دائما لتجنب الحيوانات المفترسة المحتملة. قد تكون أكثر الفراشات الملونة التي تراها في البرية هي مسممة، كما هو الحال بالنسبة للعديد من المخلوقات. فإن الألوان النابضة بالحياة هي إشارة واضحة للحيوانات المفترسة. نتيجة لذلك، فإن تلك الفراشات تتجنبها معظم الحيوانات بسبب كونها سامة، فهي لم تحتاج إلى الاعتماد كثيرا على التكيفات الجسدية لتجنب التعرض للفريسة.


الفراشه الملكيه، على سبيل المثال، هي بعض من أكثر الفراشات شهرة في العالم، فهي قادرة على تناول النباتات السامة عندما تكون في مرحلة اليرقة، وبالتالي فهي سامة مثل البالغين. كما أنها ملونة بشكل نابض بالحياة (برتقالي)، لذلك قد تلاحظ أن أنماط طيرانها طبيعية أكثر قليلا. سوف ينزلقون لفترات طويلة ويحركون أجنحتهم مثل الطيور؛ في حين أن لديهم بالتأكيد القدرة على الطيران بشكل غير منتظم عندما يكونون في سرب أو عند التهرب من حيوان مفترس، ولكن هذه ليست طريقة دفاعهم الأساسية، وبالتالي ليست سلوكهم المستمر.


* الفراشات والخمر.

في الجزء العلوي من هذا المقال، قلنا مزحة وهي أن الفراشات غالبا ما تبدو وكأنها ثملة، لأنها لا تستطيع الطيران في خط مستقيم. في حين أن هذا ليس سبب أنماط طيرانها الفريدة، فإن بعض الفراشات لديها بالفعل إنجذاب للخمر! بشكل عام، تنجذب الفراشات للروائح الحلوة، مثل الزهور والسوائل السكرية الأخرى، مثل الفاكهة والعصير المخمر. 


على وجه الخصوص، تتطلب الفراشات التي تدخل في سبات الشتاء مستويات عالية من السكر طوال الخريف قبل أن تدخل في حالة السبات. ومع اقتراب نهاية الصيف، سترى كمية كبيرة من الفراشات، والتي إذا أتيحت لها نصف الفرصة لتناول الخمر، فستشعر بالسعادة بإبتلاع بعض الفاكهة المخمرة ذات الرائحة الحلوة. توجد أيضا مزارع فراشات في بعض أجزاء العالم حيث يتم تشجيع الفراشات في فترة السبات على شرب الكحول قبل فصل الشتاء. وبالتالي يكون من السهل إلتقاطها.


* كلمة أخيرة.

حتى أكثر الظواهر التي تبدو عشوائية في الطبيعة لها تفسير جيد وراءها. في حين أن معظم الحيوانات الأخرى التي تبدو غير جيدة في التنقل والتي سيجعلها تكون فريسة سهلة، فقد أتقنت الفراشات بدلا من ذلك فن الطيران الفوضوي من خلال التكيفات الجسدية والسلوكية.


تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة