على الرغم من أنك ربما لم تر حدوث ذلك أبدا، إلا أن الطاووس قادر على التحليق في السماء ورفرفة أجنحته، وتطير ذيولها الكثيفه خلفها. الشيء الوحيد، هو أنهم غير قادرين على الطيران بعيدًا في أي وقت، ولا مرتفعا جدا.
إذا كنت قد زرت حديقة الحيوانات من قبل، فقد لا يكون جناح الطيور هو خيارك الأول، حيث يفتقر إلى عظمة الأفيال أو القطط الكبيرة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالحيوانات الجميلة، فيمكن للقليل أن ينافس جمال الطاووس الأسطوري. حيث الذكور البالغين يفتخرون بذيل مذهل وخلاب والذي يحتوي على لما يقرب من 200 ريشة، فإن الألوان والنقش الرائع على ريش الذيل الضخم قد فتن الناس لآلاف السنين.
تبدو طيور الطاووس طبيعية تقريبا أثناء المشي على الأرض، حيث يخبيء ريشها المثير للإعجاب خلفها. في الواقع، إذا لم يتحركوا، فقد تخطئ وتعتقد أنها طيور من نوع آخر، ومع ذلك، في حالة الطاووس، نظرا لريشه الذي يبلغ طوله 6 أقدام تقريبا وميله إلى الأرض... هل يمكنه الطيران؟
* الطاووس أثناء الطيران.
في إحدى تلك الرحلات إلى حديقة الحيوانات، بمجرد أن تتأثر بالذهول أمام معرض الطاووس، فربما لم تشاهد الطاووس وهو يحلق مثل الطيور الأخري ويندفع بين الفروع. بشكل عام، سترى طيور الطاووس تتبختر على الأرض، أو تتسكع في الظل، مما دفع الكثير من الناس إلى الإعتقاد بأنها طيور لا تطير.
هذا المفهوم ليس غريبا جدا، بعد كل شيء، لأن النعام، والبطاريق، وطيور الكاسواري والعديد من الطيور الأخرى غير قادرة على التحليق في السماء. في العديد من تلك الحالات، قرر الإختيار الطبيعي أن السمات الأخرى أكثر أهمية للبقاء والتكاثر، مما ترك الكائنات في النهاية بدون القدرة على الطيران.
لكن هذا ليس هو الحال مع الطاووس! على الرغم من أنك ربما لم تشاهد حدوث ذلك أبدا، إلا أن الطاووس قادر على التحليق في السماء ورفرفة أجنحته. هم فقط غير قادرين على الطيران بعيدا في أي وقت، ولا على مسافات مرتفعة جدا. إذا كنت محظوظًا بما يكفي لرؤية الطاووس يقفز من الأرض ويطير ليذهب إلى فرع ما، فربما تكون قد لاحظت أنه ليس رشيقا.
بالنظر إلى مدى ضعف هذه الطيور، بالإضافة إلى ذيولها ذات الألوان الزاهية التي تجعل من الصعب عليها الإندماج في بيئتها بل يجعلها مكشوفه للمفترسين ، فلماذا لم ينقرض الطاووس حتى الآن؟ هل ذيولهم الضخمة السبب في صعوبه الطيران؟
حسنا، في حين أن ذيولهم لا تساعد، إلا أنهم بعيدون عن السبب الوحيد الذي يجعل هذه الوحوش الجميلة مرتبطة بالأرض عادة.
* الطاووس على الأرض.
الطاووس هو عضو في عائلة الطائر الدراج، مما يعني أنه يرتبط ارتباطا وثيقا بالديك الرومي والدجاج البري والحجل. إذا كنت مطلعا على الطيور، فأنت تعلم أن هذه الطيور غالبا ما يشار إليها باسم "طيور الأرض" وقد تكيفت مع الحياة التي تقضي عموما في الأرض.
في حالة مثل هذه الطيور، تصبح الأجنحة التي يتم تطويرها عادة للطيران كبيره نسبيا وغير مؤهله ، بدلا من الأجنحه الإنسيابية والمدببة. هذه الطيور أيضا كبيرة جدا، والذي يعني أن وزن الجسم عائق أيضا، مما يشكل عقبة إضافية أمام سهولة الطيران.
يمكن العثور على معظم الطعام الذي يستهلكه الطاووس على الأرض، لذلك بدلا من الطيران أو الصيد من الجو، فقد تكيفت هذه الطيور مع القدرة على التحرك بسرعة والصيد على نفس المستوى ولكن علي لأرض . غالبا ما توجد هذه الطيور محليا في مناطق الغابات.
القدرة على الطيران ليست مفيدة جدا في تجنب الحيوانات المفترسة عندما يتعين عليك أيضا مراوغة الفروع للهروب. كما أن حجمها الكبير يجعلها أقل قدرة على المناورة في الهواء.
هذه الأنواع من الطيور الأرضية لا تطير، لكن لديها عددا من العناصر التشريحية التي تجعل الطيران غير جيد. إذا لم تكن قد لاحظت، ذيل الطاووس سيكون عائق أمام تحليقهم!
* إذن ما فائده أو أهميه هذا الذيل؟
من الصعب تجاهل ذيل الطاووس، لكن تذكر أن الطاووس (الإناث) من هذا النوع ليس لديها ذيول ضخمة مثل الذكور، لأنها لا تتنافس على جذب إنتباه الذكور؛ بل يتنافس الذكور عليهم. كما هو الحال في العديد من الأنواع المختلفة حول العالم، فإن الذكور هم الجنس الذي يستعرض للإغراء ليتزاوج .
يُعد ذيل الطاووس مثالا رائعا على الإختيار الجنسي الجامح، ريش ذيل الطاووس الكبير بشكل غريب ليس مفيدا للبقاء على قيد الحياة، لكنه يُعتبر مفيد للتكاثر، وبالتالي بقاء جيناتها. يستمر هذا في الأجيال اللاحقة، وبالتالي يدفع نوعا بأكمله في اتجاه فسيولوجي معين.
تتضمن بعض الأمثلة الكلاسيكية الأخرى على الإختيار الجنسي الجامح أنواعا معينة من الطيور المغرده الذين لديهم تغريدات تزاوج معقدة وطويلة بشكل لا يصدق، تدوم لدقائق أو حتى ساعات، حيث من المرجح أن يتم إختيارهم من قبل رفيقهم إذا كانت أغنيتهم أطول. الأنواع الأخرى من الطيور، مثل طيور الأرملة الأفريقية، تتباهى أيضا بذيول طويلة مذهله والتي تجذب إناثها المحتملين.
لذا، الآن بعد أن فهمنا سبب إمتلاك الطاووس لمثل هذا الذيل المفصل، يمكننا طرح السؤال الأخير، هل تساهم ذيولهم في معاناتهم مع الطيران؟
الإجابة البسيطة على هذا السؤال هي "نعم"، لأن الوزن الإضافي للذيول الكثيفه سيجعل الطيران أكثر صعوبة، ولكن في تجربة تمت فيها إزالة ريش الذيل من الطاووس البالغ ليطير بسهوله، ولكن كافح الطائر ليطير حتي بدون الذيل ، من ناحية أخرى، دعونا لا ننسى أن إناث الطاووس ليس لديها مثل هذه الذيل الكثيف، ومع ذلك فهي أيضا غير قادره علي الطيران بسهوله مثلها مثل الذكر.
* كلمة أخيرة.
الطاووس مثال رائع على عدم الحكم على كتاب من غلافه. قد ترى حيوان وتضع إفتراضات حول سبب تصرفه بطريقة معينة، لكن هذه الإفتراضات قد تكون غير صحيحة تماما! حيث يستمر العالم الطبيعي في إثارة إعجاب الباحثين ومفاجأتهم في كل ركن من أركان العلم، خصوصا مع معرفتنا بعلم الوراثة والتاريخ التطوري الذي يتقدم بوتيرة سريعة للغاية!
إرسال تعليق